يحاول كل نادي أن يقوم بأفضل الصفقات من وجهة نظر الإدارة بالاتفاق مع المدرب، ولكن في بعض الأحيان تتعارض هذه الصفقات مع أراء الجماهير.
وفي النهاية تختلف نسبة نجاح أو فشل الصفقة لعدو عوامل بعيدة عن رفض الجمهور نفسه للاعب أو الموافقة عليه، فمن الممكن أن تكون هناك عوامل أخرى هى المتحكمة في نجاح الصفقة من عدمها، مثل عدم تأقلمه مع ناديه الجديد، أو في حالة تغيير البلد نفسها لم يتمكن من التأقلم على أجواء البلد نفسها.
وأعلن ناديي تشيلسي وريـال مدريد أمس عن توصلهما لاتفاق يقضي بانتقال تيبو كورتوا إلى النادي الملكي في صفقة بيع نهائي بـ 40 مليون يورو تقريبًا، مقابل إعارة الكرواتي ماتيو كوفاسيتش إلى صفوف البلوز لمدة عام بدون وجود بند بأحقية الشراء النهائي.
واختلف جماهير الناديين حول أهمية الصفقتين، من جهة بعض جماهير ريال مدريد أشادت بصفقة أفضل حارس بكأس العالم، والبعض الآخر أكد أن نافاس لم يقصر مع ريـال مدريد، أما في جهة البلوز، فالبعض أشاد بصفقة كوفاسيتش ودعمها لخط الوسط، والبعض الآخر انتقد عدم وجود بند بأحقية شراء اللاعب بشكل نهائي.
سنحاول في السطور القادمة توضيح الصورة بشكل كامل، ومن النادي المستفيد بشكل أكبر من الصفقة الثنائية بين ريال مدريد وتشيلسي.
ريال مدريد يفوز بحارس للمستقبل:
بالنظر إلى سياسة ريـال مدريد بالاعتماد على عدد من اللاعبين الصغار والذي يتوقع منهم الكثير في المستقبل، نجد بأن كورتوا هو الخيار المثالي لهذه المجموعة من اللاعبين لعدة أسباب مهمة أهمها عمر اللاعب نفسه (26 عام).
ومن جهة أخرى فإن كورتوا يقدم مستويات متميزة مع نادي تشيلسي في السنوات الأخيرة، ومن قبلها مع أتلتيكو مدريد، واستطاع أن يلعب تحت ضغط كبير، وبالتالي لن يتأثر بالضغوطات الكبيرة في نادي بحجم ريـال مدريد.
ومع السياسة التي وضعها ريـال مدريد بتألق مجموعة الشباب المتواجدة حاليًا في الخمس سنوات المقبلة، سنجد أن كورتوا سيكون عنصر الخبرة المتواجد في النادي والقائد الحقيقي في الملعب، مع اعتزال أو رحيل عناصر الخبرة المتواجدة حاليًا في النادي الملكي.
من جهة أخرى فإن عمر نافاس (بعيدًا عن اداءه) قد يهدد تواجده في ريال مدريد (31 عام)، طبعًا من المعروف أن أفضل حراس المرمى في العالم تبدأ مسيرتهم التاريخية بعد عمر الثلاثين، ولكن ريـال مدريد قد يفكر في تطبيق سياسته الشابة على مركز حراسة المرمى أيضًا.
تذبذب الأداء:
يعاني كيلور نافاس من تذبذب في المستوى في بعض من فترات الموسم، على الرغم أن نافاس في الكثير من الأحيان نجده يتواجد بقوة في المباريات الكبيرة، وتحديدًا في مباريات دوري أبطال أوروبا، ولكن النادي يرغب في تواجد حارس مرمى تكون فترات تألقه أكثر من فترات اتخفاض مستواه في الموسم.
كورتوا هو الآخر يعاني بعض الشيء من هذه الأزمة، وهي انخفاض المستوى في بعض فترات الموسم، ولكن النادي يفكر في أن التنافس بين الحارسين في الموسم القادم، قد يكون سبب في ارتفاع مستواهم لأكبر عدد ممكن من المباريات في الموسم.
من جهة أخرى فإن نافاس يعاني في بعض المباريات بسبب قصر قامته، والذي يتسبب في بعض الأحيان بأهداف من كرات ثابتة، أو تسديدات قوية في أعلى نقطة من المرمى، ولكنه يتميز في الكرات الأرضية بشكل كبير، على عكس كورتوا الذي يعاني من التسديدات الأرضية بشكل كبير، ولكنه يتميز في الكرات العالية، ومن هنا ممكن يأمل النادي بأن الثنائي سيعشا حالة من التكامل على مدار الموسم.
إعارة كوفاسيتش:
لا يختلف أحد على أداء كوفاسيتش وإمكانياته الكبيرة في عمره الصغير (24 عام)، والخبرات الكبيرة التي اكتسبها اللاعب سواء في مشاركته مع انتر ميلان أو مع ريـال مدريد والفوز بدوري أبطال أوروبا ثلاث مرات متتالية، بالإضافة إلى خبرته الكبيرة مع منتخب كرواتيات وتحديدًا في كأس العالم الأخيرة.
كوفاسيتش يمثل اللاعب المثالي للمدرب الإيطالي ماوريسيو ساري مدرب تشيلسي، طبقًا لأسلوبهو طريقة تفكيره، التي تفذها مع نابولي سابقًا ويحاول تنفيذها مع تشيلسي حاليًا، وتحديدًا في مركز box to box، والذي حاول ساري الاعتماد على باركلي في مباريات التحضيرية ومباراة الدرع الخيرية، ولكن يبدو أن باركلي لم يستعيد مستواه المعروف بعد.
ساري يرى في كوفاسيتش المثلث المثالي مع صفقة جورجينيو وكانتي في وسط ملعب تشيلسي، حيث أنه يتميز بالتمرير السريع وقدرة الحفاظ على الكرة، بالإضافة إلى قدرته على الدفاع وقطع الكرات ومراقبة للاعب للاعب في بعض الأحيان.
ومع تواجد ساري لأول مرة خارج إيطاليا وتجربة نسبة نجاحها غير مضمونة، فكان من الضروري تحرك النادي بسرعة لدعمه في المراكز التي يعتمد عليها في خطته ليحاول على الأقل التواجد في أول اربع مراكز بالدوري الإنجليزي.
من المستفيد:
بالنظر إلى النقاط السابقة، نجد أن ريـال مدريد اكتسب حارس بقدرات كبيرة، وعمر صغير، وضمن منافسة قوية مع حارس يقاتل بشراسة على مكانه الأساسي وهو نافاس، بالإضافة أن الصفقة تقريبًا لم تكلف ريال مدريد الكثير، فعندما ننظر إلى إمكانيات وعمر كورتوا، نعرف أن الـ 40 مليون يورو ليست بالرقم الكبير.
ومن جهة أخرى قام ريـال مدريد بإعارة لاعب يمتلك إمكانيات كبيرة وعمره صغير مثل كوفاسيتش، وبعد فشل اقناعه بالبقاء، فكان الحل هو إعارته لعام بدون وجود بند بأحقية شراء واكتساب خبرات مع فريق قوي مثل تشيلسي، ودوري كبير مثل الإنجليزي، ثم العودة في الموسم المقبل، لتعويض مودريتش المرشح خروجه بقوة في نهاية الموسم المقبل.
أما استفادة تشيلسي فهي تواجد كوفاسيتش لمدة عام واحد فقط لتنفيذ أفكار ساري في الاستحواذ والتمرير القصير.
وبالتالي نجد أن استفادة ريال مدريد من هذه الصفقة هي الأكبر من تشيلسي، فقد اكتسب حارس مستقبل، وضمن مشاركة أساسية للاعب وسط ملعب متوقع له الكثير في المستقبل، بينما تشيلسي سعى لمساندة ساري في أول موسم فقط دون النظر إلى المستقبل.